رمضان بالشام كان شهر الهدوء و شهر الحزن.... كنت مراهق واقف على الشباك أنتظر أذان المغرب..... شارعنا دائمآ مزدحم بالمارّة و السيارات......رمضان قبل الإفطار كان الوقت الوحيد اللذي يخلى فيه هالشارع الصاخب
كنت أحس بسكونة عجيبة، بطمأنينة عندما أقضي هالساعة قبل الإفطار عالشباك أحدّق بالطريق الفاضي... أستغرب وين راحو كل هالبشر والآلات المتحركة الصاخبة اللي كانت تؤرق نومي كل صباح...... سبحان الله كيف يغيّر الأحوال
في هاذا اليوم، ٢٦ رمضان سنة ١٩٨٢ رحت على مضايا أنا و رفيقي... إشترينا أواعي العيد، بنطلون و كنزة وصباط و كم غرض تاني
أوضاعنا المادية وأنا صغير كانت متواضعة جدّآ.... كنت إشتغل بالصيف لطلّع مصاريفي... والدي كان موظف عادي والمعاش دوبو يكفينا....بس رغم القلّة والدي كان إنسان عزيز و كريم.... الحمد لله ماحتجنا أحد
.رجعت من مضايا قبل الإفطار بحوالي ساعة ...وقفت عالشباك أنظر عالطريق الفاضي
من بعيد شفت إمرأة في الأربعينات ماشية في إتجاه بيتنا... لمّا قرّبت شفت إنها حاملة كيس بلاستيك شفاف واضح فيه شوية خضرة، خيار و بندورة و ماشابه مع صطل لبن صغير.....الظاهر إحتاجت هل شغلات بأخر لحظة قبل الإفطار...وجهها تحت الحجاب كان مرهق... مبيّن تعبانة بحياتها... الله يعين العالم...صارت تحت شباكنا ماشية عالرصيف....إرجعت إطّلّع على لاشيئ...على الفراغ أستمتع بالهدوء
فجأةً وقّف الصمت وحل محلّو صوت دواليب سيارة مسرعة عم تحاول توقّف.... بعدين صوت خبطتين
إتطلعت لتحت الشباك لقيت المرة ملقحة عالأرض... رأسها عم ينزف ودمها مختلط مع اللبن والخضار اللي كانت بالكيس اللي حاملتو
ضربتها سيارة فيها شابّين وهيّ ماشية عالرصيف.... المسكينة طارت بالهوا ووقعت على راسها
طلعوا المجرمين من السيارة... لفّوها بالمانطو اللي كانت لابستو ورموها في المقعد الخلفي و راحو
كل هذا حصل بخلال دقيقة واحدة... ماقدرت إتكلّم لساعتين.... كيف؟.. ليش؟... عم دوّر على جواب... لا حياة لمن تنادي
مانمت هديك الليلة... تاني يوم دريت إنها أرملة عم تربّي تلات أولاد... توفّت بالمستشفى... رموها هنيك و هربو
الليلة التالية ليلة القدر...والدي صابتو نوبة قلبية... أخذناه على مستشفى المواسات لإنها ببلاش... مارضيو يحطّو بالعناية المشدّدة... يمكن ماكان في سرير فاضي وماكان عنّا واسطة....أوّل يوم عيد الأضحى إجتو نوبة قلبية ثانية وتوفّى قبل ماينقلوه للعناية المشدّدة بساعة
الله يرحمو ويرحمها ويرحم أمواتنا جميعآ
من هداك اليوم ماتطلّعت من هالشبّاك
6 comments:
الجرح غميق والوجع قديم. آخ عبلدنا، كيف كانت وكيف صارت من 1982 لهلأ
صعبة كتير قول من سيء الى اسوأ، بس للأسف يمكن صحيح
كنا نروح عمضايا لنجيب أواعي العيد لأنها غير موجودة عنا، هلأ الأواعي معباية بس نص العالم ما معها تجيبهم
كانت الناس تنفعس وتنشلح بالمستشفيات العامة، هلأ صار معبى مشافي خاصة بس ما بيستقبلوا الا ما يقبضوا مقدم
اساني عم اتطلع من الشباك... كل يوم... ما في شي تغير كتير
أهلين أبو فارس. الحمد لله الدنيا لسّا فيها خيروناس طيبين من أمثالك. لسوء الحظ هالمشاكل موجودة بكل المجتمعات بس عنّا الطمع دايمآ بيفوز. لو بنحس ببعضنا أكتر، حكومتنا بتحس فينا أكتر. الغلط الأساسي يبدأ فينا. الله يقدّرنا على فعل الخير.
يااااااه
وعمرو ما كان هالشباك
وخليها بالقلب تجرح
أهلين ياسمين. شكرآ لزيارتك
Nice blog
الوضع كارثي والشبابيك كثيرة والأمل مسروق...
كنان فينيق
مع مرور الحياة فمن الضروري لإنقاذ والحفاظ على تلك اللحظات. اليوم قد لا نعرف قيمته ولكن في وقت لاحق يصبح الذاكرة. مصنوعة المنتجات اليدوية الحرفية مثل سجلات القصاصات إلى حد كبير من قبل الحرفيين المنزلية التي يمكنك تخزين الصور المطبوعة، والملاحظات أو الأشياء الصغيرة الأخرى. تتوفر سجلات القصاصات للعديد من المناسبات والأعياد.
Post a Comment